tg-me.com/aleesa71/366
Last Update:
بوصلة المؤمن في الفتن
عندما عاد نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم أدراجه من الطائف بعد ما لقي من العنت والمكابرة والإصرار على الضلال وسفاهة كبراء القوم الذين أغروا به الصبية فرشقوه بالحجارة، في تلك الحالة من الاستيئاس دعا عليه الصلاة والسلام دعاءه المأثور وفي عقبه قال قولة تعتبر درة تاج الحكمة من الابتلاء، وثلج يقين المبتلى "إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي"، وهذه الكلمة يجب أن تكون نبراسنا في السنين الشداد، وفي احترار لظى الفتن والعذابات التي نُسامُها مع أطفالنا ونسائنا وشيوخنا على حد سواء.
إن هذا البلاء لا يهون وقعه ولا يخف وطئه إلا على نفس المؤمن الذي يحتسبه في موازين حسناته، ويحتسب الصبر عليه من عزم الأمور، وإلا بغير بوصلة الإيمان يكون الابتلاء شقوة وتكون الفتنة تعاسة وانتكاسا، ويكون وقعه على النفس مضاعفا، فوقع مادي بمقتضى البلاء الذين يكون شيئا من الخوف أو الجوع أو نقص الأموال والأنفس والثمرات، ووقع مادي يكون بفقدان الصبر واستحكام الجزع والإبلاس واليأس من روح الله.
وهنا يحضر قوله تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر"، هذا السياق الكريم يبرد قلوب المؤمنين مهما تهافت عليهم من صنوف البلاء، كيف لا والأسوة هو رسول الله، بسيرته الشريفة نعلل أنفسنا ونأسو جراحنا، أفقدنا الأحبة والأبناء ورفاق الطريق في الثورة؟ نقتدي بخير الخلق وخير المرسلين الذي فقد في أحد سبعين من صحابته الأخيار الذين ناصروه ساعة العسرة وعزروه ووقروه، أأخرجنا من ديارنا بغير حق لمجرد ثورتنا على الظلم؟ نقتدي به صلى الله عليه وسلم وقد أخرجه قومه من مكة وهي أحب البقاع إليه، أتعاقبت علينا سنون الفقر والحصار والإقتار والعُدم؟ نقتدي به صلى الله عليه وسلم وقد كان يشد الحجارة على بطنه وتمر الأيام والليالي دون أن توقد نار في بيته.
وإن تتمة آية الأسوة هو قوله تعالى "لمن كان يرجو الله واليوم الآخر" ليس الرسول أسوة لنا إن كان أكبر همنا ومبلغ علمنا الدنيا أن نسود فيها وننجو من محنها ونستزيد من نعيمها العابر، بل هو أسوة لنا إن كنا نرجو ما عند الله، ونحتمل له المكاره ونغشى في سبيله كل مشهد ومعترك، وإن تعريف الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، وطالما تغنينا بالإيمان وبآياته والبلاء والصبر حين كنا في عافية من أمرنا، فالآن وقد جاء تأويله وآن أوانه وجاءت ساعة الصبر فلنصادق على أقوالنا بأفعالنا عسى أن نفوز بحسنة الدنيا والآخرة، نصره في العاجلة والنجاة في الآجلة.
https://www.tg-me.com/br/أحمد بن عيسی الشيخ/com.aleesa71
BY أحمد بن عيسی الشيخ
Share with your friend now:
tg-me.com/aleesa71/366